تشتهر منطقة إيفوجاو في شمال الفلبين بمصاطب الأزر، التي تندرج ضمن قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) منذ عام 1995. وتعكس هذه المصاطب الزراعية المتناسقة بين الجبال والوديان أسلوب حياة السكان المحليين وعلاقتهم الوثيقة بالطبيعة.

وتقع منطقة إيفوجاو الجبلية في شمال الجزيرة الرئيسية “لوزون”، وتمتد التضاريس على مساحة تقرب من 400 كيلومتر مربع من مصاطب الأرز، والتي تتم زراعتها منذ 2000 عام.

وتعتبر مصاطب الأرز قطعة من التاريخ الحي. وعللت “اليونسكو” سبب إدراجها بأنها “منظر طبيعي بديع يعبر عن الانسجام والتناعم بين الإنسان والبيئة”.

نقطة الانطلاق

تستغرق رحلة الصعود إلى حقول الأزر ساعة واحدة، وساعة أخرى أثناء العودة عبر التضاريس الصعبة. وتعتبر بلدة “باناوي” هي نقطة الانطلاق الرئيسية في هذه المنطقة الجبلية؛ حيث تبدأ منها الرحلات السياحية لأيام عديدة للتجول والمشي لمسافات طويلة، وتتكون “المجموعة السياحية” غالبا من فردين.

ولقد انفتح شعب إيفوجاو على السياحة العرقية البسيطة، حيث تعود إيرادات السياحية إلى المجتمع المحلي ويستفيد المرشدون السياحيون وسائقو “التوك توك” من نقل السياح. كما يستغل السكان منازلهم في استقبال السياح للمبيت بها، علاوة على بعض الرسوم البسيطة الإضافية من أجل الحفاظ على مصاطب الأرز وإصلاح مسارات التجول.

ويصطحب المرشد السياحي مايكل كوديمو السياح في رحلة لمدة ثلاثة أيام، ويبدأها من سوق باناوي لشراء الهدايا التذكارية لضيوفه، وهي عبارة عن جوز التنبول وأوراق التبغ المجففة.

ويتمتع كوديمو بثقافة واسعة عن شعب إيفوجاو، ويمكن ترجمة هذا الاسم إلى “شعب الأرز”. ويشاهد السياح أثناء الرحلة الشلالات المنحدرة لأسفل وأشجار السرخس المنتشرة على المنحدرات الجبلية وتشبث الأكواخ المشيدة من الخشب وألواح الصاج المموج على النتوءات، وتبدو الحياة بسيطة للغاية، حتى في مدينة “كامبولو”، الواقعة في عمق وادي النهر أسفل خط السير.

ويشاهد السياح مصاطب الأرز الممتدة على المنحدرات لأول مرة بكل عظمتها، ويمر المدخل الوحيد للقرية عبر درج شديد الانحدار.

وأوضح المرشد للسياح أن الأحمال الثقيلة، مثل مواد البناء اللازمة للمنازل، يتم رفعها بواسطة أنظمة حبال آلية. وبخلاف ذلك، يتعين على كل شخص حمل أغراضه الخاصة، سواء كانت أحذية أو ورق التواليت أو زجاجات المشروبات.

ويقيم السياح في هذه المنطقة في منازل عادية، حيث تتوافر غرفة في منزل المضيف تشتمل على سرير وحمام وكهرباء وماء ساخن للاستحمام. وتتمثل الرفاهية هنا في الهدوء والصمت، حيث لا توجد ضوضاء من حركة المرور ولا يوجد تلفاز. ومع ذلك، أصبحت شبكة الواي فاي منذ فترة قصيرة جزءا من الحياة اليومية في مملكة “شعب الأرز”.

ويرافق المرشد السياحي سالف الذكر المجموعة السياحية في جولة عبر القرية، ويزور المدرسة الابتدائية التي يدرس بها الأطفال حتى الصف السادس، بالإضافة إلى الكنيسة الكاثوليكية وساحة الاجتماعات.

وأضاف مايكل كوديمو قائلا: “يجتمع الناس هنا تحت قيادة رئيس القرية لكي يتناقشون حول المشاكل وسبل حلها؛ وهو ما يعتبر نوعا من الديمقراطية، التي تتم ممارستها على أرض الواقع”.

ويدير مكان الإقامة المنزلية كل من جوردان تونداجوي وزوجته جينيلين تونداجوي، والتي تعمل معلمة في المدرسة الابتدائية. ويعجب جوردان بالحياة “بدون ضوضاء وتلوث الهواء”. وأضاف قائلا: “ليس لدينا جرائم ونعيش وسط الطبيعة”. وينعم الزوجان مع أطفالهم الخمسة في بيئة هادئة.

ويتطرق جوردان لموضوع مثير للجدل، نظرا “لتناقص أعداد مزارعي الأرز”. وحسب اعتقاد الرجل البالغ من العمر 38 عاما، فإن هذا التناقص يعرض مصاطب الأرز المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي للخطر. وأضاف قائلا: “بشكل عام، يوجد عدد قليل من القوى العاملة؛ ولكن يتوافر الكثير من الآلات، علاوة على أنه لا يوجد أحد يبيع مصاطب الأرز الخاصة به لأشخاص غير سكان إيفوجاو؛ لأن ذلك يتناقض مع ثقافتنا”.

رحلة إلى “باتاد”

في الصباح، تتلاشى الغيوم فوق الجبال، ويبدو أن الرحلة القادمة إلى “باتاد”، والتي ستستغرق ساعات عديدة، ستكون شاقة للغاية؛ حيث يتعين على السياح توخي الحرص والحذر مع كل خطوة فوق الجدران الحجرية لمصاطب الأرز وأثناء السير على المسارات الموحلة، ولكن في نهاية الجوالة يحصل السياح على مكافأة هذا المجهود وينعمون بإطلالة بانورامية على المناظر الطبيعية الحالمة حول “باتاد”، في مشهد تنحبس له الأنفاس، وتنحدر المصاطب على المنحدرات الشديدة على شكل شلالات، وتتحول المناظر الطبيعية إلى غابات كثيفة.

وقد صمم سكان إيفوجاو القدماء هذه المناظر الطبيعية البديعة، حيث قاموا ببناء كل شيء بأيديهم؛ بما في ذلك الجدران الحجرية والقنوات المائية، والسلالم العمودية تقريبا، والتي يسلكها السياح حاليا، والتي تتسبب في إصابة بعضهم بالدوار، وعلى طول الطريق يوجد اثنان من الأكشاك، حتى يتمكن السياح من شراء بعض البسكويت والكولا.

وتمثل الإقامة المنزلية البسيطة في “باتاد” العودة إلى جوهر السياحة والسفر، حيث يتعرف السياح على البلدان والشعوب الأجنبية بشكل أصيل قدر الإمكان. ويعني ذلك هناك تناول الكثير من الأرز ومضغ جوز التنبول، والسير على المنحدرات الشديدة بدلا من الطرق الممهدة، والإقامة في المنازل البسيطة، والتعامل مع المتاجر الصغيرة لتلبية الاحتياجات اليومية.

وفي اليوم التالي، تنطلق المجموعة السياحية على طريق متعرج حتى الوصول إلى الطريق التالي، ويتصبب السياح عرقا من تحت حقيبة الظهر، وتصل وسائل النقل المتفق معها في الموعد المحدد، وتكتمل الجولة في مدينة “باناوي” الصاخبة، والتي تعتبر المركز الاقتصادي وأكبر مدينة في المنطقة على الإطلاق، وهنا يتم توزيع جميع أوراق التبغ وجوز التنبول كهدايا.

The post منطقة “إيفوجاو” تقترح الاستمتاع بزراعة الأرز في الفلبين appeared first on Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.

By Akhbar24h

مرحبًا بكم في Akhbar24h، مصدر الأخبار الأول لكل ما يحدث لحظة بلحظة!نحن منصة إخبارية رقمية نقدم لكم آخر المستجدات على مدار الساعة في مجالات السياسة، الاقتصاد، العملات الرقمية، الرياضة، والطقس، مع الحرص على تقديم محتوى موثوق، موضوعي، ومحدث باستمرار.مهمتنا:نقل الأخبار بكل مصداقية وحياد توفير تحليلات معمقة لأبرز الأحداث تقديم محتوى متجدد بأسلوب سلس وسريع تابعونا للبقاء في قلب الحدث أولًا بأول! تواصلوا معنا عبر الرسائل لأي استفسار أو اقتراح.#أخبار_24_ساعة #مواكبة_الأحداث #كن_في_الصورة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *