بغرض قضاء شهر رمضان في أحسن الظروف وتوفير كل مستلزماته، تعوّل نسبة مهمة من الأسر المغربية على التحويلات المالية الخاصة بأفرادها القاطنين خارج التراب الوطني، ممّن يشكلون الجالية المغربية التي يقدر عددها بحوالي 5 ملايين فرد.
ويواظب مغاربة العالم على القيام بتحويلات مالية مهمة يستهدفون من خلالها أسرهم الموجودة بالمملكة، خصوصا ذات الدخل المحدود منها؛ وذلك في إطار ثقافة اقتصادية لا تزال تفرض نفسها وتدعم التحولاتُ الاقتصادية استمرارها.
وإجمالا، فإن التحويلات المالية للجالية المغربية بالخارج صوب المملكة تواصل الارتفاع سنة بعد سنة، إذ تجاوزت بنهاية نونبر 2024 حاجز 108 مليارات درهم، بينما بلغت 9,45 مليار درهم في شهر يناير الماضي فقط، وفقا لمكتب الصرف، وسط توقّعات بارتفاعها من جديد بنهاية شهر مارس الجاري، لتزامنه مع شهر رمضان وما يتطلبه من دعم مالي لنسبة معينة من الأسر المغربية، والتي يرِد عليها هذا الدعم على شكل تحويلات مالية من خارج أرض الوطن.
في هذا الإطار، قال إدريس العيساوي، محلل وخبير اقتصادي، إن “شهر رمضان إحدى الفترات خلال السنة التي تعرف فيها التحويلات المالية للمغاربة المقيمين بالخارج لفائدة أسرهم بالمملكة طفرة نوعية، باستحضار الحمولة الاقتصادية لهذه المناسبة وتكاليفها الكبيرة كذلك، إلى جانب المناسبات الأخرى ذات الطبيعة المجتمعية والثقافية”.
وأكد العيساوي أن “هذه التحويلات تكون بمثابة حافز اقتصادي لفائدة الأسر ذات الدخل المحدود، مع استحضار الأوضاع الاقتصادية التي باتت حادة؛ بالنظر إلى ارتفاع منسوب غلاء الأسعار الذي صارت الطبقة المتوسطة هي الأخرى تدرك تفاصيله”.
كما لفت الخبير ذاته، في تصريحه لهسبريس، إلى أن “أرقام التحويلات الخاصة بمغاربة العالم تأتي في مراتب متقدمة في لائحة الأنشطة الاقتصادية الكبرى الأكثر جلبا للعملة الصعبة؛ كالسياحة والصناعات الاستخراجية، حيث وصلت بنهاية نونبر الماضي إلى سقف 108 مليارات درهم، متجاوزة ما تم تحقيقه خلال الفترة نفسها من سنة 2023 بواقع 2,9 مليارات درهم”.
في السياق نفسه شدد على أن “التحويلات المالية لمغاربة الخارج تواصل الارتفاع سنة بعد سنة وتساهم في دعم القدرة الشرائية لعدد من الأسر بالمملكة. كما أنها تدعم استثمارات اقتصادية بعينها، على الرغم من القيود التي تلجأ بعض الدول إلى اعتمادها لكبح هذه الدينامية”.
من جهته، أكد يحيى المطواط، رئيس الفضاء المغربي الإيطالي للتضامن، أن “الارتباط الاقتصادي والاجتماعي لمغاربة العالم بأسرهم داخل التراب الوطني يبقى مستمرا ولا يقتصر على فترة بعينها؛ بيْد أنه يتقوى خلال المناسبات الاجتماعية، كالأعياد الدينية وشهر رمضان الفضيل”.
وأضاف المطواط، في تصريح لهسبريس، أن “هذا الشهر خلال كل سنة يعرف إقبالا من طرف الجالية المغربية بالخارج على القيام بتحويلات مالية لفائدة أسرها بالمملكة؛ فالوعي بأولوية التضامن الاقتصادي والاجتماعي مع الطرف الثاني دائما ما هو موجود في حساباتها، خصوصا في مثل هذه المناسبات”.
وزاد: “رمضان يعتبر مناسبة سنوية يكثر فيها الاستهلاك الأسري من المواد الغذائية، بما يفرض مبدئيا الرفع من منسوب التضامن الاقتصادي بين الطرفين؛ فخلال الأيام التي تسبق حلول هذه المناسبة تكون الجالية المغربية قد نسّقت مع أسرها بالمملكة بخصوص احتياجات هذه الأخيرة طيلة هذا الشهر”، موضحا أن “التحويلات المالية للجالية حققت خلال السنة الماضية أرقاما قياسية”.
وتحدث الفاعل المدني المغربي المقيم بإيطاليا عن “كون رمضان يقوي التكافل الاقتصادي بين المغاربة بالخارج وأسرهم بالمملكة، إذ يتوصل هؤلاء عادة بمنتجات مغربية المنشأ خلال هذه المناسبة؛ الأمر الذي يساهم في خلق سلسلة تبادل اقتصادية تستفيد منها هذه الأسر، خصوصا ذات الدخل المحدود منها”.
The post “تكاليف رمضان” تقوي سخاء الجالية المغربية في قيمة التحويلات المالية appeared first on Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.