يجمع ويوثّق كتاب جديد الأشعار المرافقة لمراسيم الزواج الأمازيغية بالأطلس المتوسط، مدوّنا إياها بالأمازيغية، مع ترجمتها إلى العربية، لما تقدمه من “صورة دقيقة عن الإنسان في المنطقة”، ونقلها “أهم ملامح المخيال الاجتماعي، باعتباره منظومة من الأنساق الرمزية التي ينبني عليها تأويل العالم لديه”.

مؤلّف “أشعار الزواج الأمازيغي.. أبعاد ودلالات”، للباحث جواد الزروقي، الصادر عن جامعة محمد بن عبد الله بفاس، والمركز الديمقراطي العربي، يصف “أهم المراحل التي تمر بها مراسيم الزواج الأمازيغي بمنطقة الأطلس المتوسط، وأهم التقاليد والعادات والخصوصيات التي تصل المجتمعات المحلية بالأطلس المتوسط بغيرها، وتميزها في الآن نفسه، وخصوصا تلك التي تتعلق بالعرس الأمازيغي التقليدي”.

هذه التقاليد “غنية بالعديد من المراحل والفعاليات التي تمتد بين ثلاثة وسبعة أيام، ومن خلالها تتم ترجمة كل ما يتصل بالعادات والتقاليد، سواء في أنماط الزي واللباس أو الطبخ ووسائل التجميل، وكيفية الاحتفال والغناء والرقص، وكل الممارسات والطقوس المرافقة للزواج، باعتباره مرحلة عبور من حياة العزوبية إلى مرحلة الارتباط، حيث تتجسد مظاهر الرشد والمسؤولية”.

ومن بين ما يوضّحه الكتاب “عوامل اقتصادية، واجتماعية، وثقافية” تصوغ مؤسسة الزواج الأمازيغي، التي تمثل “متنفسا للمرأة الأمازيغية، تمارس فيه أنشطة إبداعية وجمالية راقية، ذات وظائف علاجية وتطهيرية؛ ومناسبة لإظهار الفرح على طريقتهن الخاصة، وهو بذلك بمثابة مهرجان شعبي واجتماعي بامتياز”.

ودافع تقديم الأستاذ الباحث حسن بوتكى عن الشعر بوصفه “ديوان الأمازيغ أيضا”؛ فهو “سجلّ حياة الإنسان الأمازيغي ومفكرته، ونجده يرافق كل أنشطته الحياتية اليومية، من أشغال فلاحية، وعادات طقوسية، ومواسم دينية، واحتفالات عائلية أو اجتماعية وغيرها”، وزاد: “مع حضور الرجل والمرأة على حد سواء، يحضران ويتعاونان جنبا إلى جنب في كل الأشغال والأفراح والأتراح؛ فإن المرأة فاقت الرجل وتفوقت عليه في نسج أشعار تعبر بها عن أحاسيسها وعواطفها في كل مناسبة، وليست تجد فرصة لتبرز قدراتها في الترنم بجمالها ووصف وجدانها أفضل من حفلة العرس التي يمتزج فيها الشعور بالفرح مع ألم الحزن على فراق البنت التي تترك حضن والديها لترحل إلى كنف زوجها”.

ويرى مقدّم كتاب جواد الزروقي أنه عمل “يغني المكتبة الأمازيغية الخاصة بشعر المرأة والمناسبات في الأطلس المتوسط”، مردفا: “ما أحوجنا إلى أن تليه أبحاث أخرى حول هذا الموضوع في مناطق أخرى من بلدنا، ناطقة كانت بإحدى التنويعات الأمازيغية أو بغيرها، حتى يتوفر للدارس الأنثروبولوجي متن يمكنه من عقد دراسات مقارنة، من شأنها إثبات الخصوصيات المشتركة والمميزة للهوية المغرية المتنوعة والغنية”.

ويرصد الكتاب الحضور الرمزي المكثف في تقاليد وعادات العرس الأمازيغي، ثم يقدّم، بعد الدراسة، رسالة مفادها أنه “في خضم طوفان العولمة الجارف والمهدد للخصوصيات المحلية غدا من الضروري أن نهتم ونسعى إلى إيجاد ربط متجانس بين مفاهيم الأصالة والمعاصرة؛ وذلك بصيانة هويتنا الثقافية الوطنية، وإبراز طابعها المحلي”، وتابع: “لكل شعب من الشعوب سلوكه وتقاليده وفنونه وطرق حياته وخصوصيته، وما يميز هويته. ولا يعني الحديث عن صون ذلك التراث المميز للهوية الوطنية دعوة للهروب من الحاضر والانغلاق السلبي، وإنما توظيف كل مكوناته لخدمة البلد، وتقوية وشائج الانتماء للوطن، وتقوية الذات، والوقوف به في وجه محاولات التهجين والتفتيت، وللتعريف به وعرضه أمام أنظار العالم، والارتقاء به إلى مستوى الإبداع الثقافي العالمي”.

The post الزروقي يقارب أشعار الزواج الأمازيغي appeared first on Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.

By Akhbar24h

مرحبًا بكم في Akhbar24h، مصدر الأخبار الأول لكل ما يحدث لحظة بلحظة!نحن منصة إخبارية رقمية نقدم لكم آخر المستجدات على مدار الساعة في مجالات السياسة، الاقتصاد، العملات الرقمية، الرياضة، والطقس، مع الحرص على تقديم محتوى موثوق، موضوعي، ومحدث باستمرار.مهمتنا:نقل الأخبار بكل مصداقية وحياد توفير تحليلات معمقة لأبرز الأحداث تقديم محتوى متجدد بأسلوب سلس وسريع تابعونا للبقاء في قلب الحدث أولًا بأول! تواصلوا معنا عبر الرسائل لأي استفسار أو اقتراح.#أخبار_24_ساعة #مواكبة_الأحداث #كن_في_الصورة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *